ما أهم مواصفات "القائد الابتكاري"؟


الابتكار جزء أساسي من مواصفات القائد الناجح، والذي يتعدى دوره إدارة مؤسسة ناجحة إلى خلق مؤسسة دائمة التطور والتجديد، وفي هذا الإطار قام فريق بحثي بجامعة "هارفارد" بعمل دراسة طويلة استغرقت 10 سنوات حول مواصفات "القائد المبتكر"، وتابعت خلالها أداء ما وصفته "بقادة التجديد الاستثنائيين" على مستوى العالم من الولايات المتحدة وأوروبا والإمارات وحتى الهند وكوريا الجنوبية وإفريقيا.



- درس كثيرون فنون القيادة والابتكار لكن القليل فقط من نجحوا في اكتشاف الصلة بينهما، و"القيادة الحقيقية لا تتمثل في تشجيع الآخرين على اتباع القائد نحو المستقبل وإنما في تشجيعهم على مشاركته في صنع هذا المستقبل".

- رغم الاختلافات الواسعة في المواصفات الشخصية والخلفيات الثقافية والمواقع الوظيفية للقادة محل الدراسة فهناك روابط أساسية تجمع بينهم فيما يتعلق بأهدافهم وأسلوب إدارتهم للعمل.

منهج جديد للقيادة

- يجب تجاوز بعض مبادئ القيادة التقليدية وتأسيس منهج جديد يعتمد على الإبداع لخلق مؤسسات أكثر قدرة على التجديد والابتكار، وفهم عملية القيادة الإبداعية هو أولى الخطوات في طريق تحقيق ذلك.



- القائد الابتكاري لا يضع نفسه في موضع "الخبير" أو "العالم بكل الأمور" أو "صاحب القرار النهائي"، وإنما "محفز وجامع للرؤى والأفكار المختلفة"، فدوره هو "تأسيس خشبة المسرح وليس لعب الأدوار".

-  أولويات القادة محل الدراسة هي إفساح مساحات للآخرين لمشاركة مواهبهم وآرئهم، لذلك يصفهم زملاؤهم بأكثر "الأشخاص كرماً وتطلباً في الوقت نفسه".

- القائد الابتكاري يتجنب بناء عقليات تابعة ومتشابهة بل يحرص على التنوع والاختلاف، ولا يخافون الاختلاف أو الوقوع في الخطأ، ويضغطون على الأفراد داخل فريق العمل للاشتراك في المناقشات البناءة وإجراء التجارب الجديدة.

- كما يتقن إحداث التوازن بين التشجيع على الابتكار والحسم في اتخاذ القرار، فهو يعلم متى يدعم الأفكار الجديدة ومتى يواجه فريقه ويجبره على مواجهة الواقع عندما تشط أفكاره.

- وأهم ما يميزه هو إدراكه بمواهب المحيطين به والاعتماد عليها، فكما قال أحدهم "إن الأفكار الجديدة تحتاج إلى أصدقاء".

- القادة يولدون لكن ليس من المستحيل صناعتهم، فعلى القادة الحاليين احتواء الأجيال الجديدة ومنحها المساحة والفرصة للنمو والتطور حتى ينجحوا في قيادة المستقبل.
   
مواصفات القائد المبتكر
     الصفة
                                               التوضيح
ــ خلق مجتمع ابتكاري
- جميع القيادات التي تابعتها الدراسة تتمتع برؤى مستقبلية ثاقبة ولديها القدرة على إلهام الآخرين وإقناعهم باتباعهم، لكنهم لا يرون أن دورهم الأساسي هو تشجيع الآخرين على اتباعهم، وإنما يعتبرون أنفسهم بمثابة "معماريين اجتماعيين" يتركز دورهم على رسم السياق العام لمجتمع يساعد أطرافه على الابتكار طواعية دون إلزام من أي طرف أعلى.

- هذه العملية ليست سهلة، فالابتكار يعتبر رحلة تتم الاكتشافات خلالها عن طريق التجربة والخطأ والتعلم من هذه الأخطاء، وجميع الابتكارات الجديدة المفيدة هي نتاج عمل مشترك لفريق متكامل وليس مجرد مخترع واحد منفرد، فالابتكار "رياضة جماعية" تحتاج لتضافر كافة الجهود الفردية لنجاحها.

- القائد الابتكاري يؤمن بأن كل شخص في هذه الحياة لديه "لمحة من العبقرية" تمكنه من تقديم مساهمات استثنائية لعملية التجديد، ودوره الحقيقي هو اكتشاف هذه اللمحات والمواهب الفردية الخفية التي عندما تتعاون وتتحد تنتج حلولا مبتكرة من خلال "العبقرية الجماعية"، ويحرص هؤلاء القادة على تأسيس 3 ممارسات رئيسية لضمان استمرارية تطور وتجدد مؤسساتهم:

1-الاحتكاك الإبداعي: وهدفه التوصل لحلول جماعية للمشكلة، ويشمل القدرة على خلق سوق من الأفكار من خلال التحدث والمناقشة، وهو ما يتطلب التحلي بثقافة "الإنصات والاستفسار" والإيمان بأن الأفكار الخلاقة لا تأتي إلا من خلال التنوع الفكري.

2-النشاط الإبداعي: هو القدرة على التعلم من خلال التجربة والاكتشاف، مثل إجراء التجارب والخروج بتعديلات سريعة لتغيير نتائجها إلى المستوى المنشود.

3-القرار الإبداعي: هو القدرة على إيجاد أفضل الحلول بالمزج بين الأفكار المتنوعة حتى المتناقضة منها بطريقة غير متوقعة، فلا مجال لهيمنة الفرد سواء أكان مديراً أو خبيراً، فتتحول عملية صنع القرار إلى منهج متأن يُشرك جميع الرؤى وينتج حلولا مبتكرة ومتنوعة.

ــ الإشراك الذهني والنفسي الكامل في العملية الابداعية
- ليس جميع البشر لديهم الشغف الطبيعي بابتكار شيء جديد ومفيد، فالعملية الإبداعية تحتاج إلى "جهد وصبر" لتجربة الخيارات المختلفة والتعلم من التجربة و"شجاعة" لترك الخيارات مفتوحة حتى إيجاد طرق جديدة ومبتكرة لتعديلها، ولا يتمتع الجميع بهذه الصفات.

- لا يمكن إجبار الآخرين على الإبداع لأنه يحتاج إلى إرادة ذاتية لتكريس كافة الطاقات الذهنية والنفسية لإنجازه، ودون هذه الإرادة سيفتقد الشخص للحماس اللازم لمشاركة أفضل أفكاره أو الاستعداد لتحمل احتمالات المخاطرة الناتجة عن التجديد، ويحرص القادة الابتكاريون على غرس ثقافة الإبداع لدى مؤسساتهم من خلال ثلاثة ممارسات:

1-الهدف المشترك: يستطيع الشخص تحمل متاعب الابداع عندما يشعر بأنه جزء من فريق يشترك في تحقيق هدف أسمى من أن يستطيع أي شخص بمفرده إنجازه، وهذا الشعور بالانتماء يمكن الأفراد من تحمل الصراعات والتوترات التي تطرأ طوال العملية الإبداعية.

2-القيم المشتركة: العاملون لدى المؤسسات الإبداعية لديهم توافق حول أهم المبادئ، والقيم لها تأثير كبير على ممارسات الفرد والجماعة، فهي تشكل أولويات وخيارات المجموعة، وهذا النوع من المؤسسات لديه 4 قيم أساسية هي الطموح الجريء، التعاون، التعلم، والمسؤولية.

3-الإشراك المتبادل: القادة في الشركات الابتكارية يحرصون على توفير الشعور بالأمان والراحة للفريق حتى يتمكن من إفراز أبدع أفكاره، وهم يبنون علاقات تعتمد على الثقة والاحترام والتأثير المتبادل مع أعضاء الفريق ويهتمون بمشاعرهم ويشجعونهم على الاستفسار عن كل التفاصيل.

المصدر:
http://www.argaam.com/ar/article/articledetail/id/408659

Comments

Popular posts from this blog

أهم عشرة مهارات قانونية يحتاجها القانوني المحترف - مترجم

الفوارق الأساسية بين السندات والصكوك