والله ما يخزيك الله أبدًا


مع توالي الأزمات وسرعة تصرم الأيام أصبح المرء يحس أن الدنيا سوداء مظلمة لا يكاد ينجو منها أحد، يبرز نور في آخر هذا النفق المظلم يراه البعض والبعض لا يراه. يقول الرئيس الأمريكي السابق جون أف كينيدي أن "الكلمة (أزمة) عند كتابتها باللغة الصينية تتكون من كلمتين أحدهما تعني (خطر) والأخرى تعني (فرصة)" وهذه هي حقيقة الأزمات الشخصية والأقليمية والدولية، فظاهرها شر محض وفي داخلها توجد فرص لمن يستدل لها. 
إلا أنه ولكي يسترشد الإنسان إلى الفرص الكامنة في باطن الأزمات يجب عليه أن يتحلى برباطة جأش وهدوء داخلي وتفكير خارج الإطار الشخصي وداخله. ومن خلال استقراء السنة النبوية لا يمكن تجاوز أول أزمة تعرض لها المصطفى - صل الله عليه وسلم - وهو نزول الوحي عليه في غار حراء وقبض جبريل - عليه السلام - على ضلوعه في موقف مهيب مروع لكل إنسان، فهذا القرآن لو أنزل على جبل لرأيته متصدعاً متشققاً من خشية الله فما بالك ببشر! وما بالك أن يتزامن ذلك مع رؤية مَلَك عظيم ومعلم الأنبياء الذي له ستمائة جناح !
فلما رجع نبينا - صل الله عليه وسلم - لزوجه خديجة - رضي الله عنها - خائفاً مرعوباً دثرته وأحتوته وحين قال لها: "لقد خشيت على نفسي!" من شدة الرعب، ردت عليه بلسان الواثق "كلَّا! والله ما يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدُقُ الحديثَ، وتَحمِل الكَلَّ، وتَكسِبُ المعدومَ، وتَقري الضيف، وتعين على نوائب الحق"؛ أخرجه الشيخان، واللفظ لمسلم، وقال ابن حجر: "وفي رواية هشام بن عروة عن أبيه في هذه القصة: وتؤدِّي الأمانة".
فلا تقلق يا من له أياد بيضاء وبذل في سبيل الله ومرضاته، ولا تقلق يا من تحمل قلب أواه منيب إلى ربه، ولا تجزع يا من يمدد بسبب إلى السماء فلن يخيبك الله ولن يخزيك.
لكن لا تتوقف عن العمل والتحرك وطرق الأبواب والتفاؤل والبحث عن الحلول، وتذكر أن رزقك في السماء وليس في الأرض وأن مع العسر دائماً يسرين.

Comments

Popular posts from this blog

أهم عشرة مهارات قانونية يحتاجها القانوني المحترف - مترجم

ما أهم مواصفات "القائد الابتكاري"؟

الفوارق الأساسية بين السندات والصكوك